التأثير اللامباشر

التأثير اللامباشر

 مقالة بقلم متابعتنه العزيزة  الدكتورة (فاطمة عبد الحسن حمود )
نبدأ يومنا عادةً بشرب كوب من الشاي أو القهوة ثم نتصفح الهاتف قليلاً لنرى ماهو جديد ، بعدها كلٌ يذهب الى وجهتهِ ، ولكن لابد أن تبقى بعض كلمات الأُم وهي تحّضر الفطور وتبادلنا الحديث عالقةً بأذهاننا رَغمَ أنها قالتها في سياق الحديث وهي مسترسله بالكلام ، لم تكن توجهه لنا مباشرة
كذلك عندما نستمع شيئاً من القرآن أو محاضرة دينيه او برنامج تنموي ، ليس بقصد الإصغاء أحيانا وإنما تتسلل بعض الكلمات الى مسامعنا ونحن نتجهز للخروج فتُحرّك فينا شيئاً ما ؛ وهكذا بالنسبة للتأثير اللا مباشر 
فإذا اردنا أن ندرس الإنسان من الناحية التكوينية الفطرية فسنجدهُ كتلة من مشاعر واحاسيس تتأثر وتوَّجه بحسب طبيعة الظروف والعوامل المؤثرة فتظهر بشكل سلوك يقود صاحبهِ إلى الهاوية مرة وإلى القمة مرة 
أما المؤثرات ونقصد بها طريقة مواجهة المشكله فهي نوعان أما أن تكون واضحة وموجهة بشكل مباشر أو ان تكون غير مباشرة ولكَّنها تُحاكي العقل الإنساني بشكل جزئي ، وهذا النوع هو جوهر التغيير المنشود الذي نسعى له فهو كما شبَّهههُ هارولد لازويل Harold Lasswell عندما كان يبحث تأثير وسائل الاعلام في الحرب العالميه الاولى بنظريتهِ "الحُقنة تحت الجلد" حيث طور فيها مفهوم فرويد Freud الذي يرى أن الإنسان تحركه قوى فطرية غير واعية وغير رشيده يتحكم فيها العقل الواعي بشكل جزئي لذلك فإن بعض السلوك الإنساني المكتسب ليس عاقلا أو رشيداً
مما مضى نستطيع أن نصل إلى نتيجة واحدة وهي أن الإنسان يمكن ان يتم بناءه كما نريد وباستطاعتنا أيضا ان نعيد بناءه كما نريد أو على الأقل نستبدل بعض اللبنات فيه وذلك فقط بتحريك الصفات الفطريه لديه ، فليس من المعقول أن يخلق الله إنساناً كسولاً او متقاعساً أو غير صالح…الخ
فلو اردنا ان نُحدث تغييرا سلوكياً علينا اولاً ان نحاكي القوى الفطرية التي بدورها ستُحرّك الفرد ، كما لو اردنا من طالباً غير محب للتعلم أن ينافس على المركز الاول ، حينها ليس علينا إلا أن نتّبع سبيل التشجيع المستمر والإطراء عليه وترسيخ فكرة واحدة في ذهنه بأنه من اذكى الطلاب ومستواه الحقيقي اعلى بكثير مما عليه ، حينها سيبدأ تدريجيا بتطبيق ذلك وسيحاول أن يكون ذلك الطالب المُجد الذكي الذّي يرونه عليه 
إذاً نستطيع أن نقول بأن معالجة السلوك الخاطئ تكمن في تسليط الضوء على السلوك الصحيح ولفت نظر الفرد إليه بطريقه غير مباشره وبالسُبل التي تجعله يُمّيز بين الخطأ والصواب بحُرية دون أن يكون مقيَّداً وبالتالي سيكون التغيير ذاتيا، فكلما شعر الإنسان بحرية إختيار وتوجيه سلوكياته في الوقت الذّي نطلب منه التغيير بطريقه غير مباشره ، كلما تحسَّن أداءه واصبح أفضل نُسخة من نفسه
Back to blog